معالم الولاية التاريخية السياحية

ولاية غنية بموروثاتها التاريخية… قلاع وحصون شامخة… حارات قديمة ما زالت تحتفظ بكل تفاصيلها الدقيقة…وسعدت بعد إعادة ترميم بعض هذه المعالم للمحافظة على هذا الإرث العريق.

وقفت أتأمل الحارات القديمة وأنا أطل عليها، وشدني امتدادها الفسيح… بيوت متراصة تخترقها الطرقات الضيقة والأزقة الصغيرة… شجعني المشهد لأسرع بالتجوال في حارة البلاد… قرية متكاملة بكل معالمها ومداخلها المحصنة…. طرقات طويلة تحفها المباني الطينية الجميلة… هدوء يخيم على المكان، … ممراتها المليئة بالحركة تصدح فيها التحية والسلام… عندما يتلاقى الأهالي وهم يخترقون طرقها الملتوية…عالم جميل مفعم بالحكايات والقصص المؤثرة عاشتها هذه الحارة القديمة.

تعد ولاية منح من الولايات التي تتمتع بالعديد من المعالم والمزارات السياحية التاريخية، ويتوق العديد من السياح لزيارة هذا المعالم، لكونها تحتفظ بنماذج من الحارات القديمة، التي لم تتأثر بالتطور العمراني، ما زالت تحتفظ بنفس معالمها وقلما تجد ذلك في بعض الولايات، نظراً للتطور العمراني السريع، الذي يتم في كثير من الأحيان على حساب المباني القديمة، وبالتالي فهي تحتفظ بميزة سياحية مهمة، تعرف بأحد أنماط الحياة السكنية في إحدى مراحل تاريخ الانسان العماني.

كما أن القلاع القديمة في منح لها سمتها الخاصة، ومن أهم هذه المعالم قلعة الفيقين، التي ترتفع في وسط قرية الفيقين، ويمكن مشاهدتها من مسافات بعيدة، وبالرغم من صغر مساحة قاعدة هذه القلعة، إلا أنها ترتفع أكثر من أربعة أدوار، وقد بنيت في عام 1027 هـ الموافق عام 1617 م وذلك قبل زمن دولة اليعاربة، وأعيد ترميمها وفتحت للزيارات في عام التراث العماني، وتشهد هذا القلعة حركة كثيفة في عدد السياح الذين يحرصون على التأمل في التصميم المعماري الذي تتميز به هذه القلعة، ومنها يطل المشهد الجميل على الحارات القديمة، والامتداد الفسيح للحقول ومزارع النخيل وهناك حكاية قديمة ظهرت عند إعادة ترميمها، وذلك لعدم وضوح المدخل الرئيسي الأصلي للقلعة قبل ترميمها، وتولى أحد الأهالي الذين عاصروا الحياة بها، التعريف بموقع المدخل الأصلي للقلعة، حيث كان سابقا يتم الدخول إليها عن طريق تسلق الحبل المتدلي من إحدى نوافذ الدور الأول.

ومن الحصون المعروفة بولاية منح الحصن القديم، ويسمى كذلك بحصن نجاد، نسبة إلى أحد العلماء المعروفين في منح، ويحيط به سور لحمايته، إضافة إلى عدد من أبراج المراقبة والحراسة. ويعد برج الجص من اشهر المعالم التاريخية، ويقع بقرية البلاد، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى ستة أدوار، ويمكن رؤيته من مسافة بعيدة خاصة القادمين من الجهة الشرقية للولاية، ويتميز ببنائه الذي اتخذ الشكل الرباعي، وقد بني من الجص، ولذلك حمل نفس الاسم، وفي الدور الثالث من الحصن يوجد أحد المدافع القديمة، التي كانت تستخدم سابقا للدفاع عن هذا الحصن،

ومن المعالم السياحية التي يجب زيارتها والتأمل فيها حارات منح القديمة، وتعد حارة البلاد من اكبر حارات منح، التي تعتبر نموذجاً للوحدة السكنية القديمة كونها قرية متكاملة بجميع خدماتها وملحقاتها وتحصيناتها، حيث تحتوي على 300 منزل، ومحاطة بسور لا يمكن الدخول إليها إلا عن طريق ثلاثة أبواب رئيسية، وهي باب الصباح، وهو المدخل الرئيسي للحارة ويحرسه برج الجص بطوله المميز، وباب الدعنين، ويستخدمه القادمون من الجهة الغربية للحارة، وتقع بالقرب منه سبلة الحارة، وباب القصاب ويتم الدخول إليها من الجهة الشرقية للحارة، وتوجد حارات صغيرة أخرى ملحقة بحارة البلاد، وهي حارة السلاقة، وتقع في الجهة الشرقية للحارة الأم، وحارة المابوق وتقع في الجهة الغربية منها، والمتأمل في تصاميم البيوت البسيطة يتكشف انه روعي في تصميم بنائها دخول الإضاءة والتهوية، إضافة إلى التقسيمات الداخلية الصغيرة. أما ممرات الحارة الرئيسية، فقد صممت بمساحة واسعة نسبياً، بحيث يسمح بدخول الجمال والحمير، وهي محملة بالأغراض والمؤن. كما روعي في التخطيط أن تدخل جميع الخدمات ضمن محيطها، خاصة تنور الحارة والمخبز والرحى، التي تستخدم بشكل عام لطحن الحبوب، ووجود أماكن السقي لجلب المياه، وخلافه من الخدمات المهمة في حياة السكان بالحارة، كما تحتضن حارة البلاد ثلاثة مساجد أثرية، تتميز بالنقوش الجميلة على محاريبها، وهي من الأعمال الراقية في النقش والكتابة بالخط العربي كون ولاية منح معروفة سابقا بعدد من المعلمين المشهورين، في تصميم نقوش المحاريب في عدد من المساجد القديمة، والمشهورة في عدد من ولايات السلطنة، ومن مساجد هذه الحارة مسجد العالي، ومسجد الشراه ومسجد العين، ونظراً لأهمية هذه الحارة لكونها أحد النماذج المتكاملة، فأن هناك خطة طموحة لتحويلها إلى أحد المعالم السياحية، وتشمل هذه الخطة إعادة ترميم بعض المنازل المتأثرة وسوف تعود الحياة في حارة البلاد قريباً، ولكن بطريقة مختلفة، وذلك لاستغلالها سياحيا، وستنظم إليها الرحلات والأفواج السياحية.

لقد حان الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حارات عمان التقليدية الجميلة، لانها تختزن العديد من الجماليات والنمط المعماري الطيني، الذي أبدع فيه العمانيون عند بناء حاراتهم ومساكنهم التقليدية. ومن ضمن الحارات القديمة الأخرى، التي تحتضنها ولاية منح، حارة الفيقين التي تتوسطها قلعة الفيقين، وحارة معمد المشهورة بمسجد الشجرة الأثري.
للراغبين في مشاهدة معالم منح عليهم التوقف عند متنزه جبل بو صروج، ويقع على يسار الشارع الفرعي المتجه لولاية منح، ومنه يمكن تأمل المشاهد الطبيعية ورؤية بعض المعالم الأثرية مثل قلعة الفيقين وبرج الجص.

كما يمكن قضاء وقت جميل في متنزه الخطم السياحي، الذي يجري فيه فلج الخطم، حيث تم اكتشاف في هذا الموقع الرحى القديمة، ويقع هذا المتنزه على مسافة 5 كم من المنعطف المؤدي إلى مركز الولاية، توجد بولاية منح استراحة متان السياحية، التي بها غرف للنوم والخدمات الأخرى باسعار مناسبة، وتقع على بعد 25 كم من دوار فرق بولاية نزوى.

كيف تصل إلى ولاية منح؟
من برج الصحوة واصل القيادة إلى دوار فرق بولاية نزوى ولمسافة 150 كم.
بعد الدوار اتجه شمالاً ولمسافة 6 كم، ومنها اتجه شرقاً عند المنعطف المؤدي إلى مركز ولاية منح، ولمسافة 10 كم حتى قرية الفيقين.