المساجد الشهيرة

مسجد الجامع -ولاية منح :

نجد في مناطق السلطنة مساجد أغلبها بسيط  ، قامت لعبادةالله عزوجل ،مساجد بعضها مهجور وبعضها يكاد ـ لولا سجادة صغيرة قرب محرابها تشهد أن هناك من يؤمها بعد للصلاة ـ وبعضها ما زال يستخدم.

وكأني بها دليل ، شيخ جليل ، يعشق أرضه ويعبد ربه ، يجلس على صخرة عند كتف الوديان ينظر إلى البعيد ، متكأ على عصاه ، أو يبكي على أطلال مدينة هجرها احباؤه إلى مدينة مجاورة أينع شبابا وحداثة ، أو يستقبل ويودع كعادته من يؤمه للصلاة ، بين صاروج المباني الآهلة ، في مدن آهلة ، هذا الدليل الجليل أقل وحشة هنا دون شك .

الداخل إلى هذه المساجد القديمة تأخذ منه الدهشة مأخذها إن عثر فيها على محراب من تلك المحاريب الرائعة الغنية بالزخارف والنقوش الدقيقية والكتابات المستوحاة من الكتاب الكريم في معظم الاحيان ، أو من أخبار من بناها وصممها وتعهد بناءها كما هو الحال في (نزوى و منح ) أغنى مدينتين في هذا المجال ، فبساطة المسجد جملة في تناقض واضح مع زخرف المحراب .

وتشهد دقة تصميم هذه المحاريب على كفاءة من الحرفين الذين شُِِِهد لهم بمهارتهم التقنية والفنية العالية ،وان عبرت فإنما تعبر عن وفاء الشعب العماني الذي أشاد بناءها ،  لتشهد على إيمانه على مر الاجيال .

ومنح ذات أهمية كبيرة في هذا المجال ، ففي الجزء القديم من هذه المدينة توجد اربعة مساجد ما زالت مستعملة ، ولكل منها محراب عليه كتابة ، ولعل أهم ما يطالعنا من الناحية الفنية ، اسماء اعلام مدرسة للنقش قامت فيها في القرن العشر الهجري ، نراها تتردد على أكثر من محراب في هذه المنطقة ،كأسماء عبدالله بن قاسم بن محمد الهميمي المنحي صاحب محراب مسجد( العين) ومسجد( الشُراة ) ومسجد (العالي ) كما سيأتي ذكرها لاحقا ومحراب مسجد( بهلا) الكبير (917هـ /1511م) ومسجد (الشرجة ) في نزوى (924هـ/1518م). و مشمل المنحي عامل محراب مسجد (الغريض ) (923هـ/1517م) ومسجد ( المكبرة ) في محلة الغريض أيضا قرب (نخل ) ومشمل هذا كما يبدوا هو ذاته والد (طالب )  عامل محراب المسجد الجامع في نخل (994هـ/1586م) ومسجد (المزارعة) (974هـ/1566م) ومسجد (الصاروج) (970هـ / 1562م او 990هـ/1582 م) في (سمائل ) ومسجد ( العوينة )في وادي بني خالد القرن العاشر ويبدوا انه جد علي بن طالب بن مشمل ايضا عامل محراب المسجد الجامع في قرية (مقزح ) 1029هـ/1620م).

اذا تأملنا في ما سبق نخلص إلى القول : أن القرن الأغزر انتاجا بالمحاريب ، هو دون شك ، القرن العاشر الهجري ، وهو القرن الذي حقق فيه المنحيان ـ ونقصد بهما الهميمي ومشمل ـ اعمالهما وظهر اسمها على أكثرمن نصف محاريب السلطنة .

ومن هنا تأتي أهمية هذين النقاشين واهمية( منح ) مدينتهما والمدرسة التي كانا على رأسها وعرفت بعدهما (طالب بن مشمل ) وابنه علي.

فللمشملين والهميمي شكرخاص ممن يقدرون هذا الفن ، ومن ابناء السلطنة الذين يعتزون بدينهم وتراثهم عرفان جميل خالص خاص.

مسجد الجامع :

 

يقع خارج أسوار البلدة القديمة جنوبا نجد ” الجامع الكبير” وهو قليل الارتفاع عريض المساحة مربع الشكل وصغير البومة.

محراب هذا المسجد من جص جميل أعيد طلاؤه بالابيض ، يرجع إلى سنة 941هـ /1534م يتجاوز ارتفاعه الستة امتار وعرضه الاربعة ويقع بجانبه منبر طريف .

وضع المحراب جملة في حالة جيدة ، لكننا إن أمعنا النظر فيه وقعنا على عدة أجزاء منه اصابها التلف ،لم تتمكن جهود الترميم التي تعرض لها من اصلاحها .

في الجزء الأعلى من المحراب نقع على الشهادة مكتوبة بحرف كوفي ، كما نقع داخل اطاره الخارجي العريض والمستطيل الشكل على سته عشر ختما منقوشة مغمورة باشكال زخرفية رفيعة المستوى الفني تتخللها  أختام أخرى أصغر حجما .أما الأختام الكبيرة فمنها عدد فقد زخارفه الخزفية الصينية ، كما فقدتها ايضا أجزاء من الاطار الداخلي المستطيل الشكل ، المألوف الزخارف .

تجويف المحراب جميل الزخرف تطالعنا عند مدخله الخارجي مجموعتان من الأعمدة ، واحدة منها داخلية تحمل قوسا غزير الزخرف في الطبقة الوسطى تعلوه كتابة وثلاثة صحون  خزفية ، واحد منها كبير الحجم ، مزخرف عند وسط الكتابة . وآخران  أصغر حجما عند زوايا المستطيل العليا لم يبقى منهما الا الاثر .أما حروف الكتابة التي داخل المستطيل فقد أعيد طلائها بالحبر الاسود.

ومن الكتابة الموجود ة على المحراب : ” عمل هذا المحراب المبارك الاستا ذ الحكيم عيسى بن عبد الله بن مسعود بن سيف البهلوي في سنة احد ى واربعين وتسعمائة سنة عربية من هجرته ، اقام في هذا المسجد الميارك عبد الله بن حمد بن عبيد بن محمد ، سبحان الله

مسجد العين :

إذا دخلنا مدينة منح من بابها الجنوبي وجدنا انفسنا في جزئها القديم في (حارة البلاد) فإن سلكنا شارعه الرئيسي وجدنا عن يمينه ثلاثة مساجد متشابهة .محاريب هذه المساجد من صنع عبدالله الهميمي كما اسلفنا ، وقد طليت كلها بطلاء أخضر بينما خصصت بالطلاء الابيض كتاباتها .

اول هذه المساجد (مسجد العين ) وهو كناية عن مكعب من صاروج له بومة مستديرة ، ومكان  الوضوء جميل يمده بالماء فلج رقراق . أما محرابه فيعود إلى سنة 911هـ/1505م) ، يبلغ عرضه المترين وارتفاعه الاربعة امتار . نقرأ الشهادة عند جزئه الاعلى كتبت بخط كوفي غاية في الأناقة .

تعتمد زخرفة إطاره الخارجي المستطيل على واحد وعشرين ختما تتخللها دوائر اصغر حجما ، تغوص كلها داخل زخارف تنم عن خيال وذوق رفيع .تتصدر جزء المحراب الاوسط كتابة تعلوا مربعا نقش داخله قوس ، وداخل القوس ختم مجوف . تحت المربع المذكور إطار يتكيء على عمودين وهو يحوي قوسين وعمودين آخرين متداخلين ، وداخلهما كلها يقع تجويف المحراب .تنفيذ المحراب غاية في الدقة والموهبة ولا غرابة فالمنفذ هو الهميمي.

وهذا نص الكتابةالتي في المحراب:

– مما أقا م به الشيخ الأعضم ذو الجود والكرم عفا الله عنه يوم القيامة مما تقدم من ذنبه وجميع المسلمين أعني بذلك عبداللهبن وهب بن احمد.

– عمل العبد الفقير لله الراجي رحمة ربه وغفرانه عبدالله بن قاسم بنمحمد الهميمي من قرية منح وكان فراغه في شهر المحرم سنة تسعمائة واحدى عشرة سنة من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما

 

مسجدالشراة :

على بعد عشرات الامتار من مسجد العين نجد مسجدا آخر شديد الشبه به تم بناؤه هو الاخر في اوئل القرن العاشر هو  مسجد  الشُراة محرابه يعود إلى سنة 922هـ/1516م ، يبلغ ارتفاعه الخمسة امتار تقريبا ، اما عرضه فيزيد عن المتترين والنصف . هنا ايضا اعمل الهميمي خياله وبرهن عن براعة وموهبة فأتى عمله غاية في الذوق متنوعا مرهف الأشكال والخطوط الهندسية ، أنيق الكتابة بدءا بالشهادة التي في جزئه الاعلى والتي وردت بخط كوفي جميل ، وبحروف تتطاول بأعناقها البييضاء إلى الطلاء الأخضر الذي يغطي المحراب .

في القسم الاعلى من المحراب نقرأ الشهادة بخط كوفي مزهر وفي إطار المحراب الخارجي المستطيل نجد الأختام المزخرفة المألوفة كما نجد في أطاره الداخلي الشكل الزخرفي الذي في سائر الإطارات الداخلية للمحاريب هذا الجزء الاخير يرتكز على عمودين ، نجد خلفهما عمودين آخرين بجانبي تجويف المحراب ، يتظاهران برفع قوس مزخرف ، داخله نقش مستدير ، وقد وردت عليه الكتابة المزدوجة على سطرين يذكر الهميمي في السطر الاول منها أسماء أربعة من القائمين على عمارة المحراب ، ويوقع في السطر الثاني عمله هذا ويؤرخه .

وهذا مضمون الكتابة :-

– اقام في هذا المسجد المبارك الشيخ العالم محمد بن ابي الحسن وصالح بن صباح والشيخ خلف بن عبد الله  بنخلف بن ابي العبد وخلف بن بلحسن بن معين عفى الله عنهم يوم القيامة .

– عمل عبد الله بن قاسم بن محمد الهميمي من قرية منح سنة اثني وعشرون بعد تسعمائة سنة من هجرةالنبي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما ان الله على كل شيء قدير

مسجد العالي :

 

أما ثالث  مساجد حارة البلاد في منح فهو مسجد العالي وهو بسيط البناء ، مكعب الشكل ، صاروجي المادة .

يختلف تنفيذ محرابه قليلا عن المحرابين السابقين ، ذلك أن حجمه حجم محراب مسجد الشراة فعرضه يناهز المترين والنصف وارتفاعه الاربعة امتار ، أما شكله وتقنية زخرفته فيشبه  محراب المسجد الكبير بـ بهلا والذي يحمل توقيع الهميمي نفسه ، معظم اشكاله الزخرفية من دقة الشبه مع ما رأيناه في ذلك المحراب ونلاحظ ايضا ان جزأه الداخلي تم صنعه بواسطة مرداس اسطواني يحمل نقوشا مر بها على قوالب من الجص الطري حتى إذا ما تيبست واخذت شكلها نقلت الى المكان الذي ينتظرها في المحراب .

في القسم الاعلى من المحراب ـ ويعود إلى سنة 909هـ / 1503م  ـ نقرأ الشهادة وقد نقشت بخط كوفي مزهرة تليها كتابة نسخية هذا نصها :

– اقام في هذا المحرا ب الشيخ الأعظم ذو الجود والكرم عبد الله بن وهب عفا الله عنه .وللمؤمنين يوم يقوم الحساب وقع الفراغ من هذا المحراب يوم الثلاثاء يوم ثلاثة عشرة من شهر رجب سنة تسع بعد تسعمائة سنة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم .

ومما يلاحظ ان القائم عبدالله بن وهب هو نفس القائم بعمارة محرابي مسجد العين ، هنا في منح ومسجد بهلا الكبير اللذين صنعهما الهميمي نفسه .

فوق الاطار الداخلي المستطيل تتابع الكتابة ومنها:

– بسم الله الرحمن الرحيم تاريخ مبنى مسجد العالي عمره الله بالمسلمين وكان الفراغ يوم ثمانمية من شهر جمادى الاخرة سنة ست وسبعين بعد ثما نمائة من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومان القائم ببنائه الشيخ وهب بن احمد واحمد بن سليمان وحسنن بن سليمان بالقاسم واحمد بن ……. وكان السياد (؟) للمسجد.